أعراف "الواسب"- كيف أعاد ترمب تشكيل السياسة الأمريكية؟
المؤلف: فراس ابراهيم طرابلسي11.08.2025

السياسة الأمريكية، على غرار القانون، تكتنفها مفارقات وعوالم خفية تحكمها تقاليد غير مدونة. في مقالتي السابقة، تناولت بإسهاب دور التقاليد الاجتماعية في تشكيل سلوك الناخب الأمريكي عند الإدلاء بصوته، مع التركيز على مفهوم الـ«WASP» (البيض الأنجلوساكسون البروتستانت) كإطار غير رسمي ولكنه ذو تأثير بالغ في السياسة الأمريكية. بينت كيف يُنظر إلى هذا التقليد كمصدر غير مصرح به للنموذج الأمثل للترشح للرئاسة الأمريكية، مع إعطاء الأفضلية للمرشح الأبيض البروتستانتي المنحدر من أصول أوروبية، والدور المحوري الذي لعبه هذا التقليد في توجيه الوعي السياسي لأكثر من قرنين، على الرغم من أن الدستور الأمريكي يضمن لكل مواطن أمريكي الحق في الترشح بصرف النظر عن انتمائه العرقي أو الديني.
إلا أن عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لم تقتصر على إبراز هذا التقليد فحسب، بل كشفت عن أبعاد جديدة وعميقة تجسد رسوخ هذا النموذج ومرونته في الوقت نفسه.
لقد جاء انتصار ترامب ليجسد حالة من "التكيف المحافظ"، حيث تمكن من تجسيد صورة القائد الذي ينسجم مع القيم الأمريكية الأصيلة، وفي الوقت ذاته يخاطب هواجس شريحة واسعة من الطبقة العاملة البيضاء التي ترى في العولمة والهجرة تهديدًا لهويتها المتأصلة. وعلى الرغم من أن الدستور الأمريكي يخول لكل مواطن الحق في الترشح للرئاسة، فإن الواقع الاجتماعي يشي بأن التقاليد الأمريكية غالبًا ما تتجاوز القوانين المكتوبة، لتشكل مسارًا يوجه بوصلة السلوك التصويتي للأمريكيين.
ترامب، على الرغم من عدم انتمائه الصارم إلى التقاليد الموروثة، استطاع بأسلوبه الصريح وخطابه المثير للجدل أن يقنع الناخبين المحافظين بأنه صوت يصدح باسم القيم الأمريكية المتجذرة. لقد رأى فيه أفراد الطبقة العاملة البيضاء المهددة بالتهميش شخصًا يعبر عن تطلعاتهم ويكرس قضاياهم، حتى وإن لم يكن يمثل نمط السياسيين التقليديين الذين اعتادتهم الساحة الأمريكية.
صراحة ترامب وجاذبيته الجدلية منحته مكانة مرموقة في أعين الناخبين الذين ينشدون زعيمًا قويًا يجسد أحلامهم حتى في مواجهة المعايير السياسية المتعارف عليها. وبذلك، استطاع ترامب أن يعيد تشكيل عرف الـ«WASP» ليشمل بعدًا طبقيًا جليًا، حيث بات التوجه الاجتماعي لتقاليد السياسة الأمريكية يضاف إليه بُعد جديد: الطبقة الاجتماعية كعامل حاسم، إلى جانب العرق والدين.
في الختام، يمثل فوز ترامب لحظة تاريخية مفصلية، إذ يظهر أن التقاليد الاجتماعية، على الرغم من رسوخها، ليست جامدة بل قابلة للتحول والاستيعاب لما تفرضه التغيرات الاجتماعية والاقتصادية المتلاحقة. فقد شهد عرف الـ«WASP» تحورًا يسمح بإضافة عنصر جديد من تطلعات الطبقة العاملة البيضاء، مما يشير إلى أن السياسة الأمريكية، وإن بدت محافظة في جوهرها، تظل قادرة على استيعاب تحولات جديدة تعيد صياغة هوية الناخب بما يتماشى مع مستجدات المشهد الاجتماعي العميق والمتغير باستمرار.
إلا أن عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لم تقتصر على إبراز هذا التقليد فحسب، بل كشفت عن أبعاد جديدة وعميقة تجسد رسوخ هذا النموذج ومرونته في الوقت نفسه.
لقد جاء انتصار ترامب ليجسد حالة من "التكيف المحافظ"، حيث تمكن من تجسيد صورة القائد الذي ينسجم مع القيم الأمريكية الأصيلة، وفي الوقت ذاته يخاطب هواجس شريحة واسعة من الطبقة العاملة البيضاء التي ترى في العولمة والهجرة تهديدًا لهويتها المتأصلة. وعلى الرغم من أن الدستور الأمريكي يخول لكل مواطن الحق في الترشح للرئاسة، فإن الواقع الاجتماعي يشي بأن التقاليد الأمريكية غالبًا ما تتجاوز القوانين المكتوبة، لتشكل مسارًا يوجه بوصلة السلوك التصويتي للأمريكيين.
ترامب، على الرغم من عدم انتمائه الصارم إلى التقاليد الموروثة، استطاع بأسلوبه الصريح وخطابه المثير للجدل أن يقنع الناخبين المحافظين بأنه صوت يصدح باسم القيم الأمريكية المتجذرة. لقد رأى فيه أفراد الطبقة العاملة البيضاء المهددة بالتهميش شخصًا يعبر عن تطلعاتهم ويكرس قضاياهم، حتى وإن لم يكن يمثل نمط السياسيين التقليديين الذين اعتادتهم الساحة الأمريكية.
صراحة ترامب وجاذبيته الجدلية منحته مكانة مرموقة في أعين الناخبين الذين ينشدون زعيمًا قويًا يجسد أحلامهم حتى في مواجهة المعايير السياسية المتعارف عليها. وبذلك، استطاع ترامب أن يعيد تشكيل عرف الـ«WASP» ليشمل بعدًا طبقيًا جليًا، حيث بات التوجه الاجتماعي لتقاليد السياسة الأمريكية يضاف إليه بُعد جديد: الطبقة الاجتماعية كعامل حاسم، إلى جانب العرق والدين.
في الختام، يمثل فوز ترامب لحظة تاريخية مفصلية، إذ يظهر أن التقاليد الاجتماعية، على الرغم من رسوخها، ليست جامدة بل قابلة للتحول والاستيعاب لما تفرضه التغيرات الاجتماعية والاقتصادية المتلاحقة. فقد شهد عرف الـ«WASP» تحورًا يسمح بإضافة عنصر جديد من تطلعات الطبقة العاملة البيضاء، مما يشير إلى أن السياسة الأمريكية، وإن بدت محافظة في جوهرها، تظل قادرة على استيعاب تحولات جديدة تعيد صياغة هوية الناخب بما يتماشى مع مستجدات المشهد الاجتماعي العميق والمتغير باستمرار.
